07 سبتمير 2025

سمكة الجامبوزيا حررت «سوتشي» الروسية من الملاريا! إعداد/محمد شهاب

undefined

سمكة الجامبوزيا حررت «سوتشي» الروسية من الملاريا!

إعداد/محمد شهاب

كتبت شيرين الكردي

ليست كل المعارك تخاض بالسيوف أو الأدوية، أحيانًا يكون الخلاص على هيئة كائن ضعيف لا يُؤبه له، في بدايات القرن العشرين، حين كانت مدينة سوتشي الروسية أسيرة الملاريا، جاء المنقذ من أعماق المياه: سمكة لا يتجاوز طولها بضعة سنتيمترات. سوتشي، تلك المدينة الساحرة على البحر الأسود، كانت تبدو كجنة على الأرض، لكن وراء جمال الطبيعة كان الموت يختبئ. لسنوات طويلة، عانى السكان من تفشّي الملاريا، ذلك المرض الذي جعل حياتهم في خوف دائم. بعوضة واحدة كانت كفيلة بإنهاء حياة إنسان، والأطباء وقفوا عاجزين أمام وباء لم تنجح الأدوية ولا الوسائل التقليدية في كبحه.الأهالي عاشوا بين الرعب والرجاء، فيما كان المرض يحصد الأرواح ويترك المدينة غارقة في حزن لا ينتهي.

- ظهور المنقذ

حين بدا أن لا مخرج من هذا الجحيم، جاءت الفكرة البسيطة العبقرية: الاستعانة بـ"سمكة الجامبوزيا"، أو كما تُعرف بـ"سمكة البعوض"، هذه السمكة الصغيرة تتغذى بشراهة على يرقات البعوض في المياه الراكدة.

وبمجرد إطلاقها في البرك والأنهار، بدأت المفاجأة، شيئًا فشيئًا تراجعت أعداد البعوض، ومعها تناقصت إصابات الملاريا حتى كادت تختفي تمامًا. المدينة التي كانت حبيسة الموت بدأت تستعيد حياتها من جديد.

- ولادة الأمل

عاد الأطفال يمرحون على ضفاف الأنهار، والأمهات تنفّسن الصعداء، وسوتشي وجدت نفسها أخيرًا حرة من الكابوس، لقد أنقذت سمكة صغيرة مجتمعًا بأكمله، وأثبتت أن الحلول قد تأتي أحيانًا من حيث لا يتوقع أحد.

- التقدير والخلود

ولم ينسَ أهل سوتشي هذا الجميل. ففي عام 2010، شيّدوا تمثالًا برونزيًا متواضعًا بلغت كلفته نحو 3,800 دولار تكريمًا لسمكة الجامبوزيا، لم يكن التمثال مجرد قطعة فنية، بل رمزًا للأمل ورسالة خالدة: أن أصغر الكائنات قد تحمل أعظم الحلول.

قصة سوتشي ليست مجرد حكاية عن القضاء على الملاريا، بل درس إنساني عميق: الطبيعة تحمل أسرارًا، والحياة تُخفي مفاتيح النجاة في أضعف مخلوقاتها، إنها شهادة على أن الأمل قد يأتي في أكثر صوره تواضعًا، وأن النجاة ليست دائمًا من صنع البشر وحدهم.