جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية

جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية

30 يونيو 2025

صرخة كاتب وجيل.. هل تسمعها؟!

انخفاض التركيز والفهم القرائي لدى الأجيال عند استخدامهم للأجهزة الذكية، وتراجع مهارات الكتابة اليدوية والتحليل اللغوي بسبب الاعتماد المفرط على الشاشات، وتزايد الفجوات التعليمية بين الطلبة الذين يتعلمون عبر الأجهزة، وتلك الذين يدرسون بالطرق التقليدية.. كارثة كبرى جعلت «الورقة والقلم» السبيل الوحيد والاستغناء الأكبر كحجر صد لأخطار الذكاء الاصطناعي بجدية، وتقنيات الشاشات التي غزت حياتنا على الرغم من التحذيرات المتكررة من الخبراء، لكن يبدو أن العالم لا يتعامل مع هذه التهديدات بالجدية المطلوبة، فهل نتعلم يا عرب؟ أم سنحتاج إلى وقوع كارثة كبرى لتحفيز الوعي الجماعي بتصاعد تلك المخاطر التي أنهكت عقول أبنائنا بل وعقولنا حتى وصلنا للتبعية التقنية، فأماتت روح الإبداع والقراءة والكتابة وفقدان المهارات الأساسية وشجع على التلقين السريع بدلاً من بناء المعرفة، حتي صرخت كل السويد فكان قرارها يعكس قلقًا من أن جيلًا كاملًا قد ينشأ غير قادر على التعلم بدون أدوات ذكية لأن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا لا يبني عمقًا معرفيًا، وهو ما دفع السويد لتقليص الاعتماد على الشاشات.

وفي الأعمال والمهن وفق دراسة حديثة أجرتها شركة KPMG بالتعاون مع جامعة ملبورن أن 57 % من الموظفين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي دون إبلاغ إداراتهم، مما يشير إلى نقص في التوجيه والرقابة داخل المؤسسات، وهو ما يدل على أن 66 % من هؤلاء الموظفين لا يتحققون من دقة مخرجات الذكاء الاصطناعي، مما يزيد من احتمالية حدوث أخطاء في العمل، وهو ما لاحظته مؤخراً من اعتماد أصحاب الشركات والجهات الحكومة والخاصة على الذكاء الاصطناعي وتلخيص الأفكار أو عمل محتوى وإعادة صياغته في مهن كبري ككاتب المحتوي ، وما بالك بكاتب الرأي في أكبر الصحف والمجلات، لنجد بالمقالات المنحول والضعيف والغث لماذا؟ لأن الكاتب ترك الإبداع والتفكير الحر لطبيعته البشرية، فما بالك بأصحاب الشركات ممن اعتمدوا على ذلك لتوفير راتب كاتب المحتوي الذي عمل به كل الناس وصاروا محسوبين على أصحاب المهنة الحقيقيين ممن جلسوا على (دكة الاحتياط) لا ينظر إليهم المدرب إلا إذا مل ووقع بالمصائب، وحينها يصرخ على اللاعب المحترف لينقذ فريق عمله أو شركته من الضياع.

إن تأثير الذكاء الاصطناعي والأتمتة على سوق العمل وفقًا لتقرير «مستقبل الوظائف 2025» الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، من المتوقع أن تتغير طبيعة 23 % من الوظائف بحلول عام 2027 نتيجة للتطورات (الفجة) ، كما يُتوقع أن يتم إنشاء 69 مليون وظيفة جديدة، في حين سيتم الاستغناء عن 83 مليون وظيفة، مما يشير إلى تحول كبير في سوق العمل العالمي، وهو ما يزيد من التهديدات الأمنية وفق تقرير صادر عن SentinelOne أن 93 % من الشركات تتوقع مواجهة هجمات يومية مدعومة بالذكاء الاصطناعي خلال العام المقبل، كما أن 87 % من محترفي تكنولوجيا المعلومات يعتقدون أن التهديدات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي ستستمر في التأثير على مؤسساتهم لسنوات قادمة، فلماذا ينساقون ورائه كالعبد المربوط في حبله ويدور حوله في دائرة مفرغة؟.

لا بد من وقفة حقة.. فعلى الرغم من التقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أن الأطر التنظيمية والتشريعية لم تواكب هذا التطور، الذي جاء في تقرير Deloitte إلى أن هناك حاجة ملحة لوضع سياسات واضحة للحد من المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، خاصة فيما يتعلق بالخصوصية والأمان السيبراني، وتجاهل تلك المخاطر قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المجتمعات والاقتصادات، كما حدث في السويد ودول أخرى خشيت الإفصاح عن مصائبها، لذلك من الضروري اتخاذ إجراءات استباقية تشمل وضع تشريعات صارمة، وتعزيز الوعي العام، وتطوير استراتيجيات فعالة لإدارة المخاطر.

فهل ننتظر وقوع كارثة كبرى، ولنبدأ يا أمة العرب في التحرك بدءًا من البيت والأسرة والمدرسة؟، وتفعيل الرقابة على أدوات الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل والتعليم، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية السلامة التقنية، مع الاستثمار في دراسات أمنية وتقنية لتقليل احتمالية الاستخدام الضار.

وأخيراً: إن انتظار كارثة قد يكون مكلفًا بشريًا واقتصاديًا. الخيار الأجدى هو التحرك الاستباقي، وليس التفاعل بعد فوات الأوان.. فقرار السويد ليس «رجعية» كما وصفه البعض، بل محاولة لإعادة التوازن بين التقنية والمهارات العقلية الجوهرية.. وهو درس وبرهان من الخالق لنا يا أمة (محمد صلى الله عليه وسلم) ويا أمة العرب فلنحذر لأجيالنا، رغم أن الذكاء الاصطناعي أداة داعمة، فلا بديلًا عن التفكير النقدي والجهد العقلي. ورغم فوائدها، يجب ألا تهيمن على أسس التعليم والتفكير.

 

مقالات أخرى للكاتب

جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية
رئاسة مجلس الوزراء - جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية

© جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية 2020