....
بقلم المستشارة أمل عمار رئيسة المجلس القومى للمرأة
نحتفل هذه الأيام بذكرى غالية على قلوب المصريين جميعًا… الذكرى الثانية عشر لثورة 30 يونيو المجيدة؛ ثورة العزة والكرامة، التي أعادت للوطن هويته، وأبهرت العالم بإرادة شعب لا يعرف المستحيل، ورفعت اسم مصر عاليًا بين الأمم.
ومع حلول هذه الذكرى الوطنية الخالدة، تتجدد فينا مشاعر الفخر والاعتزاز… وأستشعر أن ما تحياه المرأة المصرية اليوم هو بمثابة "عبور ثانٍ" في العصر الحديث، عبور نحو مستقبل أكثر إشراقًا، مفعمًا بالفرص والإنجازات.
لقد كانت المرأة المصرية في قلب ثورة 30 يونيو… وقودها الحقيقي وسر نجاحها، وكانت في الصفوف الأولى تدافع عن الوطن وتحلم له بالأمان والاستقرار. واليوم، ها هي تجني ثمار نضالها، وترى بعينها حصاد سنوات طويلة من الكفاح، حتى باتت شريكًا أصيلًا في صنع القرار، وقوة فاعلة في مسيرة التنمية والبناء.
حيث تعيش المرأة المصرية عصراً ذهبياً منذ تولى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية.. حيث الإرادة السياسية الداعمة والمساندة لتمكين المرأة في جميع المجالات.
وأقتبس من كلمات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي حين قال: "إن سيدات مصر حملن هذا الوطن، فى سرائه وضرائه، وواجهن كافة التحديات، مدركات أنهن عماد الأسر، وأساس المجتمع، وصلب الحياة في وطننا الكريم.. وأكد على أن المرأة المصرية كانت أساس بناء هذه الحضارة المصرية الراسخة، التى استمرت لآلاف السنين، بشموخها وبهائها ورقيها وسموها، وإن كل خطوة، خطتها أمتنا المصرية منذ فجر التاريخ، حملت بصمة المرأة المصرية، شريكة في تسيير الحياة، عالمة وأديبة، وطبيبة ومعلمة، أما وزوجة، وأختا وابنة".
وحقًا فقد لعبت المرأة المصرية أدواراً قيادية في مختلف العصور بداية من العصر الفرعوني.. وصولًا الى الجمهورية الجديدة و«العصر الذهبي» للمرأة المصرية.. الذى شهد الاحتفال بمرور خمسة وعشرين عامًا على انشاء المجلس القومي للمرأة هذا العام ..ذلك المجلس الذى يعد الآلية الوطنية المعنية بتمكين المرأة المصرية..والذي كان ولا يزال خطوة رائدة تعكس إيمان الدولة العميق بدور المرأة في بناء المجتمع والنهوض بالوطن.
لقد كان المجلس شاهدًا على مسيرة طويلة من النضال، والإنجاز، والتحولات الكبرى في أوضاع المرأة، كما كان منصة داعمة لصوتها، وأداة فعالة في تحويل تطلعاتها إلى سياسات وتشريعات ومكتسبات على أرض الواقع.
وفي ظل قيادة سياسية واعية، أصبح المجلس محرك رئيسي للتغيير المجتمعي وتمكين المرأة، ليصبح شاهدًا وشريكًا في صناعة "العصر الذهبي" للمرأة المصرية.
كما شهد العصر الذهبي للمرأة المصرية إعداد العديد من الاستراتيجيات الوطنية الداعمة لقضايا المرأة، وصولاً إلى الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030، التي تفضل سيادة الرئيس بإعلانها في عام 2017، لتصبح مصر الدولة الأولى عالمياً التي تطلق استراتيجيتها في إطار أهداف التنمية المستدامة.
ومن حيث التمثيل السياسي .. ففضلاً عن 20 مادة بدستور 2014 لتمكين المرأة فقد ضمن لها تخصيص 25 ٪ من مقاعد البرلمان، لتصل نسبة تمثيلها في مجلس النواب لـ27 ٪ و14 ٪ في مجلس الشيوخ .. كما تولت المرأة الكثير من المناصب القيادية كسراً للحاجز الزجاجي منها مستشارة للأمن القومي ونائبة لمحافظ البنك المركزي.. والعديد من الحقائب الوزارية.. ومنصب محافظ ونائبات للوزراء وللمحافظين.... وتم تعيينها قاضية في مجلس الدولة والنيابة العامة لأول مرة.
وفيما يتعلق بالتمكين الاقتصادي فإن المرأة تستحوذ على 45 ٪ من إجمالي مشروعات جهاز تنمية المشروعات وبلغ نصيب المرأة في صندوق التنمية المحلية 65 ٪ من المستفيدين وفي إطار أول شراكة على مستوي العالم بين البنك المركزي والمجلس القومي للمرأة تم إطلاق مشروع مجموعات الادخار والاقراض الرقمى «تحويشة» ..كما أُطلق أول نموذج محاكاة مع بنك مصر لتشجيع المرأة الريفية على استخدام الخدمات البنكية.
وحصلت مصر على جائزة ختم المساواة بين الجنسين في القطاع الحكومي، وأصبح لهذا الختم المصري مظلة مؤسسية في القطاع الخاص..كما وصلت المرأة الريفية بتراثها التقليدي إلى العالمية، حيث تم تسجيل «التلي شندويل» كأول علامة تجارية جماعية للسيدات بمحافظة سوهاج، واللاتي عرضن منتجاتهن في أكبر المعارض العالمية .
وفيما يتعلق بمحور الحماية فقد صدرت حزمة تشريعية تحمي المرأة من صور العنف داخل الأسرة وخارجها ونجحت في تطوير نظام التنسيق الوطني داخل أقسام الشرطة والمستشفيات وأماكن العمل، كما تم إنشاء أول وحدة مجمعة لحماية المرأة من العنف.
و تم إنشاء 28 مكتب شكاوى المرأة في 27 محافظة، بالإضافة إلى فرع الأسمرات ، وتم إنشاء 42 وحدة لمناهضة العنف ضد المرأة بالجامعات، و20 وحدة للمرأة الآمنة بالمستشفيات الجامعية، كما تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، ومسح التكلفة الاقتصادية للعنف ضد المرأة، ونتيجة لجهود اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث انخفضت نسبة الفتيات المتوقع ختانهن وتراجع معدل ختان الفتيات .
كما استفاد 2.6 مليون شخص من حملات التوعية تحت عنوان «المرأة صانعة السلام»، وأكثر من 2 مليون شخص من حملات التوعية للحد من مخاطر الهجرة غير الشرعية بالشراكة مع اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة و منع الهجرة غير الشرعية و الاتجار بالبشر .
وفي محور التمكين الاجتماعي، تم استخراج ملايين من بطاقات الرقم قومي للمرأة، وإطلاق القوافل الطبية والتوعوية بالصحة العامة والصحة الإنجابية والكشف المبكر عن سرطان الثدي، كما تم تسليم 53 ألف شهادة أمان للمرأة المعيلة، إضافة إلى استفادة ما يزيد عن 8 ملايين شخص من جلسات الدوار، و353 ألف مستفيد من برامج الإرشاد الأسري والتنشئة المتوازنة، وقد طرق المجلس 9 مليون باب في قرى مصر، حيث تمت مناقشة مختلف قضايا المرأة، إلى جانب الجهود في محو الأمية، وتحسين المستوى التعليمي، وتوثيق عقود الزواج، واستخراج سواقط القيد.
وفي إطار الاستثمار في الفتيات تم اطلاق برنامج «نورة» الذي يحظي برعاية السيدة انتصار السيسي في العديد من المحافظات ليشمل تمكين الفتيات من سن 10 الي 14 سنة لإمدادهن بالمعرفة والمهارات لتنمية قدراتهن وتم الاحتفال بتخريج أول دفعة 6125 فتاة.. وتم اطلاق برنامج نور الذى يعد استكمالاً للخطوات الجادة التي بدأت في برنامج "نورة" لتعزيز تمكين الفتيات من خلال إشراك الفتيان وإدماجهم في مجتمع يحرص على منحهم الفرصة الكاملة في سبيل تمكينهم على الوجه الأفضل، حيث يستهدف الفتيان في الفئة العمرية من 10 إلى 14 سنة ، وفى مرحلته الأولى يستهدف الوصول الى ٢٥٠٠ فتى بمحافظات أسيوط وسوهاج وبنى سويف.
وعن الحماية الاجتماعية فإن89 ٪ من النساء تستفيد من البرامج مع زيادة ميزانية برنامج «تكافل وكرامة» بنسبة 235 ٪ ومثلت النساء 65 ٪ من المستفيدين من برامج التدريب للعاملين بالجهات الحكومية.
وبالنسبة لمجال الرعاية الصحية للمرأة أطلقت مبادرة 100 مليون صحة للكشف المبكر عن الأمراض وبرامج التوعية لضمان حياة صحية وآمنة للمرأة، كما تم تكثيف الجهود للقضاء على زواج الأطفال وختان الاناث.
وفيما يتعلق بالتشريعات، صدر 26 قانوناً لصالح المرأة المصرية، تضمنت حزمة تشريعية لحمايتها من أشكال العنف داخل الأسرة وخارجها.
وهكذا، تحوّلت أحلام المرأة المصرية إلى واقع ملموس، وأصبحت ثورة 30 يونيو نقطة انطلاق نحو عصرٍ ذهبي تنعم فيه المرأة بمكانتها المستحقة في قلب الوطن، وفي مراكز صنع القرار.
عصرٌ ذهبي ارتكز على إرادة سياسية واعية وشجاعة، آمنت بقدرات المرأة، وقدّرت تضحياتها، وجعلت من تمكينها إحدى ركائز بناء الجمهورية الجديدة.
إنها مسيرة كُتبت بسواعد النساء المصريات، ورُسمت بدعم قيادة وطنية رأت في المرأة قوة حقيقية ونهضة متجددة، لا خيارًا تكميليًا.